تعد البرازيل من أكبر دول العالم من حيث المساحة (الخامسة على مستوى العالم)، وتتطلب رؤيتها بالكامل أشهراً طويلة، لا بل سنوات، كما يطول الحديث عنها وعن السياحة فيها. وقد حاولت التعرف على أبرز معالم هذه الدولة خلال فترة إجازتي المحدودة، والتي لم تتعد 3 أسابيع، حيث اضطررت للمساومة واختيار مجموعة صغيرة من ضمن قائمة كبيرة من الوجهات والمعالم التي كنت أرغب برؤيتها في البرازيل لو سنح لي الوقت وطالت الزيارة أكثر. وعلى سبيل المثال، قررت الاقتصار على المرور مرور الكرام في سان باولو وبرازيليا، فقد كانت ريو دي جانيرو ومنطقة الأمازون ومدينة سلفادور باهيا وجنوب البرازيل من الأوليات على قائمتي.
وبداية التحضير للرحلة هي تحديد الموسم والطقس الأنسب. ولكن في الواقع لا توجد إجابة صحيحة أو خاطئة على السؤال “ما هو الموعد الأنسب لزيارة البرازيل؟”، فالطقس فيها يختلف بحسب اختلاف المنطقة، حيث أن الدولة تمتد ما بين خط العرض 5 شمال خط الاستواء و33 جنوب خط الاستواء (أي تمتد على 38 خط عرض). والطقس استوائي في أقاصي الشمال، ومداري إلى شبه مداري في الوسط، وشبه مداري رطب في الجنوب. كما أن كثير من مناطق البرازيل يتسم بمناخ أصغري (Microclimate)، بسبب عوامل جغرافية وطبوغرافية (توجد فيها مرتفعات عالية)، ففي حين قد تتخطى الحرارة 40 درجة مئوية في مدينة ريو دي جانيرو صيفاً، قد تدنو عن الصفر في ولاية ريو غرانديه ديل سول (Rio Grande do Sul) شتاءً. كما أن الفصول في البرازيل معكوسة، فمعظم الدولة في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، علماً أنها لا تشهد توزع الفصول الأربعة تماماً كما نعرفها في منطقتنا.
لذا، فعند الخوض في أنسب الأوقات لزيارة البرازيل، يعتمد الجواب على المنطقة المقصودة من جهة، وعلى الفعاليات والأنشطة التي يتطلع السائح إلى القيام بها. وعلى سبيل المثال، مع العلم أنه لا تحبذ زيارة ريو دي جانيرو في موسم الصيف الجنوبي الحار عموماً (أي ديسمبر حتى مارس)، إلا أن كرنفالها الشهير يقام خلال شهر فبراير، ولذا فقد كان خيارنا بزيارتها خلال فبراير. ولكن لم نختبر الحر سوى في ريو، وحتى أنه لم يمثل مشكلة تثنينا عن الخروج. ولم نختبر أي درجات حرارة عالية خلال بقية رحلتنا شمالاً وجنوباً.
الخطوة الثانية هي الحصول على تأشيرة الدخول، إذ يجدر بمواطني معظم الدول العربية الحصول على التأشيرة مسبقاً للدخول إلى البرازيل، باستثناء تونس والمغرب. وليست إجراءات التأشيرة معقدة عموماً، ويمكن الحصول عليها في غضون 3 أيام إلى 3 أسابيع، بحسب الجنسية وحسب مكان تقديم الطلب.
أما بالنسبة للطيران، فيوجد في البرازيل عدد هائل من المطارات المحلية والدولية (أكثر من 2500 مطار)، لكن أكبرها هو مطار سان باولو الدولي (Guarulhos)، الذي يمكن الوصول إليه مباشرة من المنطقة على متن رحلات طيران الإمارات. كما توفر طيران الإمارات رحلات إلى مطار ريو دي جانيرو (Antônio Carlos Jobim International Airport). وكلتاهما رحلة طويلة تصل مدتها إلى 15 ساعة (إضافة إلى مدة الانتظار في المطارات)، وينصح المسافرون بالاستعداد لها بشكل جيد.
والمدينتان قريبتان نسبياً من بعضهما البعض، كما يتوفر جسر جوي يربط بينهما بمعدل طائرة كل 30 دقيقة. ويوفر هذا الأمر فرصة للسائح للوصول إلى أي من المدينتين والانتقال إلى الأخرى لاحقاً. ولكني كما ذكرت، تخطيت زيارة سان باولو، ولم أقضي فيها سوى بضع ساعات. وأنصح أي سائح بتخطيها أيضاً، إلا إذا كانت إجازته طويلة في البرازيل، فكما ذكرت، الدولة مساحتها شاسعة وهنالك وجهات ومعالم عديدة لرؤيتها، ولا تضم سان باولو أهمها. ناهيك عن أن المساحة الشاسعة للبلد، تفرض على الزائر إضاعة الكثير من الوقت في الطيران والمطارات.

وجدير بالذكر أن قلة قليلة من البرازيليين يتحدثون لغات أخرى، وفي حال كانوا يتقنون لغة أخرى، فهي الإسبانية غالباً. ومن الأسهل أن تجد من يتحدث العربية من العثور على شخص يتكلم الإنكليزية، وهو أمر أيقنته من خلال موقف طريف، ففي مطار سان باولو أوقفني موظفو الجمارك وراحوا يوجهون إلي الأسئلة، مشيرين إلى الكاميرا التي أحملها، ما أقلقني وأشعرني أنني في ورطة. وحين فهموا أنني لا أتحدث البرتغالية، وطلبت التحدث مع شخص يتحدث الإنكليزية، أخذني الموظف إلى شخص يعرف بضعة كلمات إنكليزية، وبعد الكثير من الصد والرد، تنهدت وقلت: “الله يمضي هاليوم على خير”، فصرخ قائلاً بالعربية: “إنت بتحكي عربي؟”، وعندها أصبت بالدهشة ومن ثم انتابتني موجة من الضحك الهستيري، انتقلت بعدها إلى جميع الحاضرين في الصالة، سرعان ما شرح لهم الموظف القصة. وقد اتضح أنه أحد أحفاد المهاجرين من بلاد الشام إلى البرازيل، وحافظت عائلته على تعليم أبنائها اللغة العربية.
ريو دي جانيرو

الوجهة الأشهر والأكثر شعبية في البرازيل هي ريو دي جانيرو، والتي تعد من أجمل مدن العالم، ويوجد فيها وحولها الكثير من المعالم الأثرية والترفيهية والسياحية. فضلاً عن ذلك، تعد ريو دي جانيرو مدينة ساحلية تتمتع بطقس ملائم للشاطئ معظم أوقات العام، حيث تستقطب شواطئها ومرافقها السياح من جميع أنحاء العالم. وتشتهر ريو دي جانيرو أيضاً بكرنفالها الشهير لرقص السامبا، الذي يعقد في شهر فبراير.
تعد ريو دي جانيرو من أجمل مدن العالم (ويكيكومون)
وجدير بالذكر إن الإقبال على الكرنفال لا نظير له، ويبدأ حجز وبيع البطاقات قبل فترة طويلة، حيث عادة ما تنفذ الأماكن الجيدة قبل أشهر من الكرنفال. وننصح من يرغب بحضور الحدث بالتخطيط قبل فترة 4 إلى 6 أشهر على الأقل وشراء التذاكر، علماً أنه ينبغي حجز التذاكر أولاً، ومن ثم شراؤها عند بدء بيعها. كما ينصح بشراء التذاكر ليومي الأحد والاثنين خلال الكرنفال، فهما يشهدان أهم المنافسات بين مدارس السامبا. وتتراوح أسعار التذاكر ما بين 50 دولاراً أمريكياً وبضعة آلاف دولار، بحسب الموقع واليوم.
جدير بالذكر أن العملة في البرازيل هي الريال البرازيلي (Reias)، ودأب سعر الصرف على التقلب خلال الفترة الأخيرة، لذا ينصح بالتحقق منه على الدوام.
الإقامة
تعد كوباكبانا (Copacabana) وإيبانيما (Ipanema) وليبلون (Leblon) مناطق واقعة وسط مدينة ريو دي جانيرو وأشهر أحيائها، وقد ورد ذكرها في أغاني وأفلام عديدة لجمالها وجمال شواطئها. وتوجد فنادق كثيرة ومتنوعة في هذه المناطق، بدءاً بالهوستيلات (Hostel)، وهي فنادق منخفضة التكلفة، وصولاً إلى الفنادق والمنتجات من فئة الخمس نجوم. وينصح السياح – إن أمكن – بالإقامة في هذه المناطق، فهي من جهة تقع مباشرة على الشاطئ، ومن جهة تضم شتى الخدمات التي يحتاجها السياح، ومن جهة أخرى تعد أكثر أماناً من سواها.

وبالحديث عن الأمان، يجدر التنويه أن ريو دي جانيرو تعاني من مشاكل جريمة وعنف، إلا أنها عموماً جريمة منظمة وليس من المعتاد أن تشكل خطراً على السياح أو مناطق تواجدهم. كما أن بلدية المدينة توفر حضور مكثف للشرطة وسواها من السلطات التنفيذية في مناطق السياح، بما في ذلك فصيل شرطة سياحية خاص. ويمكن حصر المواقف التي قد يتعرض لها السياح – لا سمح الله – بالنشل وسرقة المقتنيات، لذا وكما هو الحال في كافة مدن العالم، يجدر بالسائح عدم حمل جواز السفر (مجرد صورة عنه تكفي) والمقتنيات الثمينة، والاقتصار على حمل بعض النقود وبطاقة ائتمان واحدة إذا اضطر الأمر. ويوفر معظم الفنادق خزنة في الغرفة، أو يمكن ترك المقتنيات الثمينة لدى قسم الاستقبال. وهذا كما ذكرت، أمر يحرص عليه السياح في جميع مدن العالم الكبرى.
كما يوجد في ريو دي جانيرو أحياء ومناطق عشوائية تسمى الفافيلا (Favela)، وهي تقع على تخوم الأحياء الراقية، وينصح السياح بعدم الدخول إليها بمفردهم، وإذا رغبوا بجولة في الفافيلا، يمكن الترتيب لذلك عن طريق شركة سياحية، أو عن طريق الفندق، وهي تجربة مثيرة جداً للاهتمام، فأحياء الفافيلا تنضح بالمواهب والكفاءات، وقد ترعرع فيها الكثير من الشخصيات الشهيرة عالمياً، من رسامين ولاعبي كرة وموسيقيين قدم وممثلين ومغنين وسياسيين.
من جهة أخرى، توفر مناطق كوباكبانا وإيبانيما وليبلون أبرز مرافق المدينة في شتى المجالات، وهي متنوعة وتناسب كافة متطلبات السياح، من مقاهي ومطاعم ومتنزهات وفنادق، إلى جانب متاجر ومحال ومراكز تسوق رائدة. ومن أبرز ما يمكن شراؤه في إيبانيما، وفي البرازيل عموماً، خف هافاياناز (Havaianas) الشهير حول العالم، وهو من أشهر منتجات البرازيل.
تمثال المسيح الفادي
يعد تمثال المسيح الفادي (Cristo Redentor) من عجائب الدينا السبعة الجديدة، فهو تمثال بطول 30 متر إضافة إلى قاعدة ترتفع 8 أمتار، ووزن يقارب الألف طن، وشيد أوائل القرن العشرين على قمة جبل كوركوفادو (Corcovado)، التي ترتفع حوالي 700 متر عن سطح البحر. وعلاوة على أهمية التمثال كصرح معماري ومعلم سياحي، فهو يوفر إطلالة ساحرة لا مثيل لها على مدينة ريو دي جانيرو وقممها وشطآنها.
ويقل قطار خاص السياح صعوداً إلى قاعدة التمثال، وذلك انطلاقاً من قرب مكتب التذاكر. وعند الوصول إلى المحطة أسفل التمثال يحتاج السياح للسير وصعود بعض الدرجات للوصول إلى موقع التمثال. ويمكن الوصول إلى المحطة الأرضية بالتاكسي أو بالباص. ويمكن أخذ الباص رقم 583 من منطقة كوباكبانا (Copacabana) ومن منطقة إيبانيما (Ipanema)، في حين يمكن أخذ الباص رقم 584 من ليبلون (Leblon)، وهي مناطق وسط المدينة في ريو. ويتراوح سعر التذكرة لزيارة التمثال ما بين 56 و68 دولار أمريكي (حسب الموسم).
مقهى فتاة إيبانيما

تعد أغنية فتاة إيبانيما (Garota de Ipanema) من أشهر الأغاني في عالم موسيقى البوسا نوفا (Bosa Nova) البرازيلية، وموسيقى الجاز العالمية عموماً، حيث غناها أشهر مغنو الجاز، وفي مقدمتهم فرانك سيناترا. وتعود قصة الأغنية إلى ستينيات القرن الماضي، حيث كان الموسيقي الشهير أنتونيو كارلوس جوبيم (والذي سمي مطار المدينة تيمناً به) يحب الجلوس فترة العصر في مقهى بسيط في منطقة إيبانيما، وكانت تمر صبية جميلة من أمام المقهى كل يوم في هذا الوقت متجهة نحو الشاطئ، فأعجب بها وكتب لها الأغنية التي أصبحت أشهر من نار على علم.
واليوم بات المقهى وجهة سياحية، ويوجد فيه صور وتذكارات ونوتات موسيقية من تلك الحقبة. كما يقدم المقهى مأكولات شهية، حيث تناولنا وجبة الغداء خلال زيارتنا وأمشينا حوالي الساعتين ونيف.
جبل شوندر السكر

يعد جبل باو أو سوكر (Pão de Açúcar)، وتعني شوندر السكر، من معالم ريو دي جانيرو المميزة، وسمي هذا الاسم لأنه يشبه في شكله الشوندر السكري. وتعلو قمة الجبل حوالي 400 متر، وتوفر إطلالات ومناظر خلابة على مدينة ريو دي جانيرو وشطآنها وجبالها. ويمكن الوصول إلى الجبل بالتكسي ومن ثم ركوب التلفريك (Cable Car)، كما يمكن ركوب الباص إلى محطة التلفريك. وأنصح بتخصيص وقت كافي لزيارة الجبل والاستمتاع بالمناظر، وشرب مرطب أو فنجان قهوة في المقهى الواقع على قمته.
استاد ماراكانا

تعد البرازيل موطن كرة القدم بنظر الكثير من الناس حول العالم، لذا لا يجدر بمحبي هذه الرياضة إغفال زيارة استاد ماراكانا (Maracana Stadium)، أحد أكبر ملاعب كرة القدم في العالم والأكبر في أمريكا الجنوبية، والذي استضاف بعضاً من مباريات كأس العالم 2015. كما يضم الاستاد متحف لكرة القدم.
مدارس السامبا
ريو دي جانيرو هي عاصمة السامبا في العالم، وتنظم كرنفال عظيم خاص بهذه الرقصة، يعد من الأكبر عالمياً. ويمكن للسائح في أي وقت من العام زيارة عدد من مدارس الرقص والتعرف على تاريخ هذه الرقصة، والتي أصبحت تصنف ضمن أنشطة اللياقة وخفض الوزن الرياضية في يومنا هذا.
الشواطئ

كما ذكرنا، تعد الشواطئ من أشهر الوجهات السياحية في ريو دي جانيرو، وتوفر مكاناً للاسترخاء والاستجمام والاستمتاع بالرياضات المائية، ناهيك عن أن شواطئ ريو دي جانيرو تعد من أجمل الشواطئ لمراقبة غروب الشمس.
حوض الأمازون
الوجهة الثانية التي تخطر على بال معظم الناس عند ذكر البرازيل، هي الأمازون. ومع أن الأمازون في الواقع هي منطقة شاسعة تمتد على أراضي 9 دول في قارة أمريكا الجنوبية، إلا أنها عادة ما تنسب إلى البرازيل، حيث تضم القسم الأكبر منها (60٪).
ويوجد في البرازيل ولاية اسمها الأمازون (Amazonas)، عاصمتها مناوس (Manaus)، وتضم حوالي 2 مليون نسمة، حيث تعد مدينة صغيرة نسبياً في البرازيل (مقارنة مع سان باولو التي تضم أكثر من 20 مليون نسمة).

والطريق إلى الأمازون يمر في مناوس، حيث يمكن السفر بالطيارة من معظم مدن البرازيل، ومن ثم يتوقف اختيار وسيلة المواصلات التالية على المنطقة المقصودة في حوض الأمازون. وقد اخترنا الإقامة في فندق يقع على مسافة قريبة نسبياً من مناوس، وذلك عند نقطة تلاقي فرعي الأمازون الأساسيين وسط الغابة الاستوائية، حيث يسهل القيام برحلات في نهر الأمازون وأرجاء المنطقة عموماً. وقد بلغنا الفندق على متن حافلة صغيرة في رحلة قصيرة نسبياً من مطار مناوس.
وبالحديث عن نقطة تلاقي فرعي الأمازون الأساسيين، يتلاقى رافدا الأمازون الرئيسيان في نقطة قريبة من مدينة مناوس، ألا وهما ريو نيغرو (Rio Negro)، والتي تعني النهر الأسود نظراً للون مياهه القاتم، ونهر سوليمنوس (Solimões River)، ومياهه مائلة رملية اللون، حيث يتلاقى الرافدان في هذه النقطة وتسير مياههما غير ممزوجة لمسافة طويلة بفعل سرعة التيار، فيبدو نهر الأمازون في بدايته وكأنه ملون بلونين.

وتحاول معظم الفنادق الواقعة في هذه المنطقة تقديم تجربة أصيلة للنزلاء، حيث يجري تصميمها وتشييدها من مواد أولية محلية وعلى نحو يحاكي طريقة البناء التقليدية في تلك المنطقة. لذا ننصح السياح الراغبين بزيارة المنطقة الإقامة فيها الانتباه إلى أن بعض فنادقها يوفر غرفاً بسيطة جداً، لا توجد فيها نوافذ، بل مجرد شبكة لمنع دخول الحشرات. كما توفر معظم الفنادق في المنطقة جميع وجبات الطعام اليومية مشمولة بتكاليف الحجز.
وهنالك الكثير من الأنشطة للقيام بها في حوض الأمازون، ولا شك أن زيارة نهر الأمازون وغابات الأمازون تتربع على رأس القائمة. وتقوم معظم الفنادق بالترتيب لزيار كليهما. وقد تطول رحلة زيارة نهر الأمازون ما بين نصف يوم إلى بضعة أيام، حسب الأنشطة التي يرغب السائح برؤيتها. ويجري تنظيم رحلات يومية على متن القوارب من قبل الشركات السياحية والفنادق على حد سواء، حيث يتم أخذ السياح (حسب الموقع على النهر) في جولة على النهر والقرى والمستوطنات القريبة. كما يمكن الترتيب للذهاب في جولة على طول النهر تمتد حتى ثلاثة أو أربعة أيام، ينام فيها السياح على متن القارب أو في منازل السكان المحليين.
أما الرحلات إلى غابات الأمازون فتتطلب المشي، وذلك لفترات تتراوح بين بضعة ساعات وبضعة أيام (حسب الوجهة والموقع)، وقد تشمل مسير في عمق الغابات لزيارة بعض قرى سكان الأمازون الأصليين.
وأياً كانت الرحلة المزمع القيام بها، سواء لمدة ساعات أو أيام، ننصح بالاستعداد لجميع أنواع الطقس الحار والماطر المحتملة. وحتى إن لم تمطر فعلياً، فالرطوبة العالية في قلب الغابة الاستوائية تتسبب بتساقط قطرات المياه على الدوام.
ويجدر التنويه أن منطقة غابات الأمازون تزخر نباتات والحيوانات من مختلف الأصناف والأشكال، وبعضها سام. وقد يشعر السائح أن جميع أشكال الحيوانات في الأمازون هائلة الحجم، بما فيها النمل والضفادع والحشرات. كما قد يتواجد تماسيح في النهر والسواقي حوله. لذا ننصح بعدم لمس أي حيوان أو نبات غير مألوف دون استشارة الدليل السياحي، وعدم النزول من القارب إلا بإذنه. فضلاً عن ذلك، ننوه أن الغابة متشعبة جداً، والإضاءة فيها تكون خافتة جداً في حال كان الطقس غائماً، لذا ننصح السياح ضمن بعدم الانفصال عن المجموعة والسير خلف الدليل على الدوام.

وقد كان دليلنا يتحدر من أصول السكان الأصليين، حيث شرح لنا خلال الرحلة مطولاً عن سبل البقاء في الغابة، بما فيها التطبيب والعلاج، والتي طورها السكان المحليون على مدى قرون، إلى جانب العثور على مياه صالحة للشرب وطعام.

كما ذهبنا في رحلات بالسيارة وسيراً على الأقدام في أعماق الغابة، وعلى الرغم من فرادة هذه التجربة، كان من المحزن رؤية التصحر الذي تشهده الغابة الاستوائية في الأمازون بأم أعيننا، بهدف إفساح المجال لتربية المواشي وزراعة المحاصيل. وهذا يعد أحد أبرز أسباب الاحتباس الحراري، ويكتسب أهمية خاصة جداً في منطقة مثل الأمازون، حيث أن غاباتها توفر خمس الأوكسجين الذي نتنفسه حول العالم.
مناوس

يجدر التوقف في مدينة مناوس لنصف نهار على الأقل على الطريق إلى حوض الأمازون أو خلال العودة منه. ويوجد في المدينة عدد من المواقع السياحية والأثرية، ومنها الساحة العامة وسط المدينة، والجسر المعلق فوق نهر ريو نيغرو، ودار الأوبرا، وسوق كبير، إلى جانب نقطة تلاقي رافدي الأمازون الرئيسيين.
برازيليا
لا توفر معظم خطوط الطيران المحلية رحلات مباشرة من مدن البرازيل إلى مناوس، حيث تعد العاصمة برازيليا نقطة الوصل الإقليمية بين كثير من الرحلات الجوية إلى شمال وجنوب البلد، لذا ننصح السياح بتخصيص بعض الوقت للتوقف في هذه المدينة. وبرازيليا هي مدينة حديثة تم إنشاؤها في العام 1960 لتكون عاصمة للدولة. وقد ساهم في تصميم المدينة المعماري الشهير عالمياً أوسكار نيمري (Oscar Niemeyer). ويشعر معظم السياح أن برازيليا مدينة حديثة جداً ولا يوجد فيها الكثير من المعالم لرؤيته (مقارنة ببقية مدن الدولة)، لذا ننصح بالتوقف فيها على الطريق من أو إلى مناوس لمدة نصف نهار، ما يغني السائح عن الحاجة لحجز فندق ويسمح بتخصيص هذا الوقت لإمضائه في وجهة أخرى.
سلفادور باهيا
سلفادور باهيا (Salvador Bahia) هي مدينة تقع شمال مدينة ريو دي جانيرو، وهي مسافة قد تبدو قصيرة على الخارطة، إلا أنها تزيد عن 1600 كلم. وينصح التوقف فيها لبضعة أيام على طريق الرحلة بالطائرة من ريو دي جانيرو إلى مناوس أو بالعكس، الأمر الذي يوفر على السائح رحلة طيران خاصة.
وقد كانت سلفادور باهيا في الماضي عاصمة البرازيل، وهي واحدة من أقدم المستوطنات الأوروبية في قارة أمريكا. وهي تتميز بالعديد من المعالم والمواقع الأثرية والسياحية، إلا أن أحد أبرز السمات الجغرافية لهذه المدينة تتمثل في صدع زلزالي يقسمها إلى شطرين، أعلى وأدنى، حيث تصل المسافة بين الشطرين إلى أكثر من 80 متر.
وتضم المدينة من المعالم الأثرية الكثير، الأمر الذي جعلها تحتل مكانة بارزة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. فضلاً عن ذلك، شكلت سلفادور في الماضي أحد أبرز مراكز تجارة الرقّ في القارة الأمريكية، وهو أمر تلمس ملامحه في مختلف أرجاء وشوارع المدينة.
وتتميز سلفادور أيضاً بكرنفالها الذي يعد أكبر حفل في العالم، حيث يشهد توافد ومشاركة مئات الآلاف من المقيمين والسياح في كل عام. وهو يقام خلال شهر فبراير بالتزامن مع كرنفال ريو دي جانيرو. وحتى بعيداً عن الكرنفال، تشهد سلفادور باهيا توافد مئات الآلاف من السياح في كل عام، لما تضمه من معالم أثرية تسمح للسائح بالاطلاع على ملامح الحقبة الأولى من اكتشاف الأمريكيتين.
ويغلب على تراث سلفادور باهيا طابع أفريقي، وهو يبد جلياً في الملابس التقليدية والموسيقى والأطباق التقليدية، وأهمها رقصة الكابويرا (Capoeira)، والتي يعود أصلها إلى نوع من الفنون القتالية يتطلب لياقة عالية جداً، انتشر بين العبيد الأفارقة العزل في القرن السادس عشر كملاذ أخير للدفاع عن النفس، ولا سيما لمن قرر الهرب والبحث عن حريته. ومع مرور العقود، حافظت الجالية الأفريقية على هذا التقليد وغدا فناً راقصاً يميز أهالي هذه المدينة. ويجري تقديم عروض مسائية يومية في عدد من مسارح المدينة تحكي قصة هذا الفن الراقص وأبرز حركاته.

ويتمثل أهم ملامح المدينة التي لا يمكن إغفالها في أساليب العمارة المتميزة التي خلفت صروح معمارية يعود بعضها إلى القرن السادس عشر. وهي منتشرة في جميع أنحاء المدينة القديمة، وكل ما على السائح القيام به هو التجول في ثناياها.
ساحة المدينة

تسمى ساحة المدينة (Praça Municipal)، أو ساحة توميه دي سوزا (Tomé de Souza)، وهو أول حاكم للبرازيل كمستعمرة برتغالية. ويوجد في وسطها تمثال له، ويحدها مبنى البلدية (Palácio Rio Branco)، الذي شيد في العام 1549 ليكون مقر الحاكم البرتغالي دي سوزا.
مصعد لاسيردا
إلى جانب الساحة يوجد مصعد يربط شطر المدينة السفلي مع شطرها العلوي، ويسمى مصعد لاسيردا (Elevador Lacerda)، صممه المهني أوغوستو لاسيردا. وقبل المصعد كان يستخدم الأهالي حبل وبكرة لرفع المواد إلى قسم المدينة الأعلى.
السوق الكبير

يوجد أسفل المصعد سوق مسقوف يسمى ميركادو موديللو (Mercado Modelo)، وهو السوق الكبير في المدينة، ويضم الكثير من المصنوعات والحرف اليدوية، إلى جانب الهدايا التذكارية. وعادة ما يتجمع بعض شبان المدينة في ساحة السوق ويؤدون رقصة الكابويرا، حيث يمكن للسياح مشاهدتهم والتبرع ببعض النقود لدعمهم.
القلعة
تقع قلعة بارا (Forte de Santo Antônio da Barra) على رأس بحري، وهي أقدم قلاع المدينة والمنطقة عموماً. ويوجد قربها منارة ومتحف بحري، كما توفر منطقتها أفضل موقع لمشاهدة غروب الشمس في المدينة، وهو غروب جميل جداً.
كوريتيبا
تقع مدينة كوريتيبا (Curitiba) في ولاية بارانا (Parana) البرازيلية، وهي عاصمتها، وتعد أحد أبرز المراكز الثقافية والاقتصادية على مستوى أمريكا اللاتينية. وهي أيضاً إحدى أكثر المدن استدامة حول العالم، حيث تفوقت بلديتها على مختلف قوائم الاستدامة العمرانية والتنظيمية، في حين أنها تصنف أفضل مدن البرازيل الكبرى للسكن والمعيشة، وواحدة من الأفضل على مستوى العالم.
وتعد الحديقة النباتية إحدى أهم الوجهات السياحية في كوريتيبا، والتي تتميز بدفيئتها الزجاجية ذات التصميم المميز، وتبدو بمظهر جميل جداً حين تجري إضاءتها ليلاً. كما تضم المدينة سوق مميز يدعى (Largo da Ordem)، وهو يقام في منطقة تضم أبنية قديمة ذات تصميم معماري جميل. كما تضم كوريتيبا متحفاً للمعماري أوسكار نيمري.
يشعر السائح في بعض أجزاء جنوب البرازيل كأنه في إيطاليا من الناحية الطبيعية والمعمارية
وتقع كوريتيبا في منطقة مرتفعة وجبلية، ما يجعل طقسها لطيفاً جداً ومناسباً للاسترخاء، والاستمتاع بأنشطة الهواء الطلق. ويلحظ السائح في مدينة كوريتيبا، وفي ولاية بارانا منطقة جنوب البرازيل عموماً، طابع عمارة ألماني، حيث شهدت المنطقة توافد موجات من المهاجرين الألمان خلال العقود الماضية. كما يوجد أيضاً مناطق ذات طابع وتصميم معماري إيطالي، مثل سانتا فليشيداديه (Santa Felicidade) يشعر السائح فيها كأنه انتقل إلى إيطاليا فجأة، ويبدو هذا جلياً من أسماء المناطق والمطاعم والأطباق. وتستقطب هذه المنطقة عشاق المطبخ الإيطالي وتوجد فيها مطاعم تعد من الأفضل على مستوى العالم. ويوجد فيها أيضاً، وفي باقي أنحاء البرازيل، جالية يابانية لا بأس بها، وهو أمر طريف حيث يظن السائح أنهم سياح أيضاً، حتى يبدؤون الحديث بالبرتغالية.
شلالات أوغوازو

تضم ولاية بارانا شلالات أوغوازو (Iguazu Falls)، وهي من أكبر شلالات العالم، وتقع على الحدود بين البرازيل والأرجنتين. وتقع الشلالات على مسافة قريبة نسبياً من كوريتيبا (حوالي 640 كلم)، حيث يمكن الوصول إليها بالطائرة في غضون أقل من ساعة، أو براً، في رحلة تستغرق حوالي عشر ساعات، ولكنها تتيح للسائح التمتع بمناظر طبيعية رائعة.
والطعام في البرازيل متنوع ويمثل مختلف مطابخ العالم، بما فيها الإيطالي والياباني والهندي وسواها. وأكثر ما يميزها أن معظم المطاعم تعتمد مفهوم الطاولة المفتوحة، أياً كان نوع الطعام، إلا أنه يجري تقديم الطعام على الطاولة، باستثناء السلطات التي تقدم في زاوية خاصة ويسكب منها الزبون حسب طلبه. ويوجد على كل طاولة مكعبات بلونين أحمر وأخضر، وطالما كان القسم الأخضر مرفوعاً نحو الأعلى، يواصل الندّل سكب الطعام، حتى يجري قلب المربع إلى اللون الأحمر. ولم نكن ندري ذلك في البداية، وعجبنا لدرجة الانزعاج من مواصلة الندّل سكب الطعام في صحوننا على الرغم من أننا شبعنا، فطلبنا الحساب وغادرنا.
لمحة مختصرة:
تأشيرة الدخول: يجب الحصول عليها مسبقاً، ولكن إجراءاتها غير معقدة.
المطارات الدولية:
يوجد الكثير من المطارات الدولية في البرازيل، إلا أن الرحلات الجوية من المنطقة العربية تحط في:
- مطار سان باولو (GRU).
- مطار ريو دي جانيرو (GIG).
المناخ: حار إلى معتدل، ويختلف بحسب المنطقة
أفضل وقت للسفر: حسب الأنشطة والوجهة
نوع الإجازة: توفر البرازيل جميع ما يمكن أن يخطر على البال من أنشطة سياحية
إجازة مثالية: تلبي متطلبات جميع فئات السياح
طيران مباشر:
- طيران الإمارات من دبي إلى سان باولو
- طيران الإمارات من دبي إلى ريو دي جانيرو
خطوط طيران محلية:
للمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع أو سواه، يرجى ترك تعليق ضمن مربع (أضف تعليق) أدناه، أو مراسلتنا على البريد الإلكتروني: sawahblog@outlook.com