تعد جزيرة بوكيت (Phuket)، أو فوكيت كما يسميها البعض، أبرز وجهة في تايلند في نظر كثرة من السياح، حيث تتفوق في ذلك على العاصمة بانكوك. ويقبل عدد كبير من السياح إلى زيارة بوكيت بمفردها، وحتى دون المرور في بانكوك، سيما وأنه يوجد في بوكيت مطار دولي يستقبل رحلات جوية من مختلف دول العالم. ولكن أنصح السياح الراغبين بزيارة تايلند بالتوقف في بانكوك ليومين على الأقل، إذا سنحت الفرصة لهم.

وبوكيت هي جزيرة واقعة جنوب تايلند، قرب الحدود مع ماليزيا، الأمر الذي يعزز مكانتها كوجهة سياحية، حيث تضم هذه المنطقة بين الدولتين وجهات سياحية وترفيهية لا حصر لها، وتعد الأبرز في كلا البلدين.

وقد زرت بوكيت 3 مرات خلال السنوات الثلاث الماضية، كانت أولها رحلة من أسبوعين قضيتها ما بين هذه الجزيرة ومنطقة شمال ماليزيا، وتحديداً ولايات بنانغ وكيدا وجزيرة لانكاوي. وهي رحلة مميزة أوصي بها، لكن أنصح أيضاً بالتوقف في بانكوك لمدة 2-3 أيام، ما يجعل الزيارة كاملة نوعاً ما لمن يرغب بزيارة هذه المنطقة من العالم لمرة واحدة فقط.

وأنوه من يرغب زيارة البلدين خلال إجازة واحدة، ويعتزم الوصول والعودة من تايلند، بضرورة الحصول على تأشيرة دخول متعددة السفرات.

وتبعد بوكيت عن بانكوك بالطائرة حوالي 1.15 ساعة، وهي رحلة سهلة وميسرة، إذ تتوفر عشرات الرحلات يومياً من كلا مطاري العاصمة. كما تتوفر عشرات الرحلات يومياً بين شمال ماليزيا وبوكيت.

كما يمكن السفر من بانكوك إلى بوكيت، أو بالعكس، على متن القطار. ومع أن الرحلة مسلية وقد تحظى باستحسان محبي السفر بالقطارات، إلا أنها لا تناسب الجميع، فهي طويلة والمحطة الأقرب إلى بوكيت هي سورات ثاني (Surat Thani)، حيث تتوجب مواصلة السفر بالحافلة لحوالي 5 ساعات أو بالسيارة لحوالي 4 ساعات.

وتوفر بوكيت معظم الأنشطة السياحية والترفيهية الشاطئية التي تخطر على بال السائح، إلى جانب العديد من الأنشطة الترفيهية على مقربة من الجزيرة، بما فيها المسير في الجبال وركوب النهر بالقوارب المطاطية والغوص والغوص الحر والسنوركلينغ والإبحار.

كما يتوفر للراغبين باستكشاف المناطق المحيطة، رحلات عديدة بالقوارب إلى الجزر القريبة. وتعد جزيرة بي بي (Phi Phi) أبرز الوجهات، فقد اشتهرت هذه الجزيرة بشكل كبير عقب تصوير فيلم ذا بيتش (The Beach) فيها، فهي تتميز بجمال قلّ نظيره. لكن شخصياً، لم تخطر على بالي زيارة جزيرة بي بي رغم زياراتي المتكررة إلى بوكيت، ولا أنصح بها لمن ينشد الاسترخاء في تايلند، فهي اليوم تستقطب آلاف مؤلفة من السياح يومياً، وغالباً ما تفوق أعداد الناس فيها قدرة مرافقها على الاستيعاب. وقد قاد ذلك إلى فقدانها سماتها الطبيعية، وهي التي كانت وجهة مثالية للاسترخاء، وباتت ذات طابع تجاري.

وبالعودة إلى بوكيت، يساهم تعدد وتنوع المرافق والأنشطة التي تقدمها هذه الجزيرة في تلبية متطلبات مختلف شرائح السياح، من كبار وصغار وعزاب وعرسان ومحبي الاسترخاء ومحبي الرياضات، إلا أن بعض مناطق الجزيرة تلبي متطلبات بعض الشرائح أكثر من سواها، حيث سأتطرق لهذا الأمر بالتفصيل بعد قليل. فضلاً عن ذلك، تعد بوكيبت وجهة مميزة للأعراس، حيث يقصدها اليوم الخاطبون من جميع دول العالم لتنظيم حفلات أعراسهم فيها، ويوفر الكثير من الفنادق عروض متكاملة للأعراس، تشمل الإقامة والحفل والطعام وغيرها.

وقبل التفصيل أحب أن أنوه السائحين الراغبين بزيارة بوكيت، أنها وبسبب توافد السياح بكثرة، يعمد أصحاب المحال والمطاعم وموفري الأنشطة الترفيهية إلى رفع الأسعار بشكل غير مقبول، حيث تصل أحيناً إلى 3 أضعاف السعر الحقيقي. وهذا عموماً في المواقع السياحية، حيث أن الأسعار عادية جداً في بلدات ومناطق سكن الأهلين.

وعلى سبيل المثال فقط، يبلغ سعر علبة سمك التونا المحلية حوالي 35 إلى 40 بات في مختلف أنحاء تايلند، بما فيها المناطق غير السياحية من جزيرة بوكيت، إلا أنها تباع في بعض متاجر المناطق السياحية بمبلغ يتراوح بين 85 و120 بات. كما يطلب معظم سائقي سيارات الأجرة مبلغ يتراوح بين 900 و1200 بات (أو حتى أكثر) للرحلة من مطار بوكيت إلى شاطئ كارون، أو بالعكس، في حين أن أجرة الرحلة من مطار سوفانوبوم (Suvarnabhumi) في بانكوك إلى وسط المدينة تبلغ حوالي 400 بات، وهي تقريباً نفس المسافة.

إلا أن سلاسل المتاجر المحلية والدولية عادة ما تلتزم بالأسعار المعتمدة في بقية المناطق، مثل متاجر سفن إلفن (7/11) لمنتجات البقالة البسيطة، ويوجد لها فروع في كل أنحاء بوكيت. أما بالنسبة للمشتريات الأكبر والأكثر تنوعاً، فتوجد فروع لسوبر ماركت تسكو (Tesco Lotus) وبيغ سي (Big C) وتوبس (Tops). كما أنصح باستعمال تطبيق غراب تكسي عند الحاجة لسيارات الأجرة.

وأجمل مناطق للإقامة في بوكيت هي الواقعة على الشاطئ الغربي للجزيرة. ولمزيد من التفصيل، يمكن تقسيم الجزيرة ووجهاتها إلى:

المنطقة الوسطى: وتضم عموماً شاطئ باتونغ (Patong Beach)، وهو يوفر عموماً مرافق أبسط وأقل تكلفة، لكنه يناسب بشكل خاص الشباب والأشخاص الذين يرغبون بالخروج ليلاً والسهر.

المنطقة الجنوبية: وهي عموماً المنطقة التي تضم شاطئ كارون (Karon Beach) وشاطئ كاتا (Kata). وهي منطقة متوسطة عموماً، وتوجد فيها فنادق أعلى سعراً، وتناسب العائلات والعرسان. وكلتا المنطقتين السابقتين تقعان جنوبي المطار، وكلتاهما تضمان خيارات تسوق ومطاعم لا حصر لها.

المنطقة الشمالية: وهي المنطقة الواقعة شمالي المطار، وتضم شاطئ ماي كاو (Mai Khao)، وتعد المنطقة الأرقى في بوكيت، حيث توجد فيها فنادق ومنتجعات تابعة لكبرى السلاسل المحلية (مثل أنانتارا) والدولية (مثل ماريوت). لكن لا تقتصر الخيارات على هذه السلاسل، حيث يوجد الكثير من الفنادق الأخرى. وهي تناسب العرسان بشكل خاص، والعائلات أيضاً. لكن تعاني هذه المنطقة من قلة المتاجر والمطاعم خارج المنتجعات، حيث يتوجب على السائحين استخدام أحد أشكال المواصلات (تكسي غالباً) للمزيد من الخيارات في مناطق أخرى. ويوجد فيها مركز تسوق صغير وميني ماركت، لكن الأسعار مبالغ فيها جداً. وتوجد سوبر ماركت محلية صغيرة على الطريق العام باتجاه الشمال (حوالي 5 دقائق بالسيارة)، يمكن لمن لا يرغب بدفع أسعار مبالغ فيها شراء معظم منتجات البقالة منها.

وبرأيي تعد منطقة شاطئ ماي كاو الأفضل في بوكيت من شتى النواحي، وفي مقدمتها جمال الشاطئ والمنطقة المحيطة، فهي تقع ضمن محمية طبيعية. وهي دون شك الأفضل للاسترخاء.

يذكر أن بوكيت عموماً آمنة، ولا سيما في المنطقتين الشمالية والجنوبية، وليس هنالك ما يقلق السياح. ومن الأمور الواجب التحذير منها قوة التيار خلال فترة المونسون (الموسم الماطر)، حيث يجدر بالسياح الحذر عند السباحة.

وهنالك العديد من الأنشطة للقيام بها، والأماكن لزيارتها داخل جزيرة بوكيت، وفي مقدمتها مركز آوتليت (Outlet) لمحبي التسوق، تباع فيه منتجات كبرى العلامات التجارية في مجال الأزياء بأسعار مخفضة، ويقع على مقربة من شاطئ باتونغ. كما يمكن زيارة بلدة بوكيت القديمة والقرى العديدة المنتشرة حول الجزيرة.

وقد استأجرت خلال زيارتي الأولى سيارة، وأنصح بذلك لمن يزور الجزيرة لمدة أسبوع أو أكثر، حيث توجد أنشطة متنوعة تناسب الجميع، كما يمكن زيارة منطقة الشلالات وسط الجزيرة ومحميات الحيوانات الطبيعية والمعبد الكبير على قمة الجبل (Big Buddha)، والذي يوفر إطلالات رائعة على الجزيرة. كما يوجد حديقة للفراشات، ومشتل لزهور الأوركيد، التي تعد الزهرة الوطنية في تايلند.

ويجدر الذكر أن كثير من الشركات السياحية في بوكيت تروج لأنشطة تسيء للتوازن البيئي، وتتسبب في إضرار بعض أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض، مثل ركوب الفيلة والتصوير مع قردة الغيبون وزيارة حديقة النمور البيضاء. وكثيراً ما تقتل الأمهات لصيد الحيوانات الصغيرة وتربيتها في الأسر، حيث يساهم إقبال السياح على هذه الأنشطة في تفشي الضرر الذي يصيب هذه الأنواع المهددة بالانقراض. وتحاول الحكومة التايلندية جاهدة الحد من هذه الأنشطة، ويجري توزيع منشورات على السياح في المطار أملاً بتعاونهم، لكن مع الأسف، لا يمكن القيام بذلك دون دعم السياح والتوقف عن الدفع مقابل هذه الأنشطة.