يشعر السائح المشرقي في أرمينيا أنه يزور بعض الأقارب في دولة مجاورة.

هنالك الكثير مما يجعل من أرمينيا وجهة مثالية لمحبي السياحة والسفر في المنطقة العربية، ولا سيما في منطقتي المشرق العربي والخليج العربي، فهي أولاً وقبل كل شيء تقع على مسافة قريبة، لا تستغرق سوى ساعتين بالطائرة. فضلاً عن ذلك، فهي تقع ضمن نفس المنطقة الزمنية أو بفارق ساعة، ما يجعل الرحلة إليها سهلة وخفيفة على الجسم. وقد سافرت إليها من مطار الشارقة في الإمارات العربية المتحدة، حيث تقع في نفس المنطقة الزمنية، وكانت تلك إحدى المرات القليلة التي لم أشعر فيها بعناء الطيران على الإطلاق.

فضلاً عن ذلك، تتجذر الثقافة الأرمنية عميقاً في التاريخ العربي الحديث، حيث يمثل الأرمن مكوناً هاماً من شعوب عدة بلدان في المنطقة، وفي مقدمتها سوريا ولبنان، إلى جانب العراق ومصر والأردن. ويخلف هذا الأمر إحساساً عميقاً في نفس السائح العربي من تلك الدول بأنه يزور بعض الأقارب في دولة مجاورة، سيما وأن عادات الأرمن وأنماط حياتهم وأطباقهم وتصاميم مدنهم وقراهم تشبه إلى حد كبير أنماط الحياة والعادات والأطباق والمدن والقرى في بلدان المشرق العربي.

وقد تمثل تأشيرة الدخول العقبة الوحيدة للسفر إلى أرمينيا، فإجراءاتها قد تكون معقدة لبعض الجنسيات العربية. كما أن القوانين غير واضحة، وقد تختلف الإجراءات ما بين سفارة وأخرى. وأنصح بالتواصل مع أقرب سفارة أو قنصلية قبل التخطيط للرحلة لمعرفة متطلبات وإجراءات الفيزا في بلدك.

إلا أن أهمية قطاع السياحة في أرمينيا تتنامى باضطراد، حيث يجري العمل على استقطاب أعداد أكبر من السياح، ولا سيما من المنطقة، وتقبل شركات طيران أكثر على تنظيم رحلات إليها، ومن المتوقع أن يجري العمل على تبسيط وتنظيم إجراءات الفيزا في المستقبل القريب.

وتعد أرمينيا دولة حبيسة لا تحدها أي بحار، حيث تعد المطارات بوابة الدخول الرئيسية إليها. وتحط الرحلات الجوية القادمة من المنطقة العربية في مطار العاصمة يريفان (Yerevan)، واسمه الرسمي هو مطار زفارتنوس (Zvartnots International Airport).

وتتمثل الخطوة الثانية، بعيد معرفة إجراءات الفيزا، في اختيار وقت السفر. وهذا أمر منوط بنوع الإجازة التي يتطلع إليها المسافر، حيث تقدم أرمينيا عدد لا بأس به من الأنشطة الصيفية والشتوية، بما فيها التزلج على الثلج. وهي تضم منحدرات جيدة جداً، وتتميز بانخفاض تكاليفها مقارنة مع وجهات التزلج الأوروبية. وفي حين أنها تقدم شتاءً وجهة قريبة ومنخفضة التكلفة ومثالية لمن يهوى التزلج والرياضات الشتوية، تقدم أرمينيا الكثير من الأنشطة التي تناسب الإجازات الصيفية، سواء في مدنها، التي تتضمن كل ما قد يهم السائح من معالم تاريخية وسياحية وثقافية وفنية ومطاعم ومقاهي، أو ريفها الذي يمثل بداية منطقة جبال القوقاز الشهيرة، ويتميز بطبيعة جميلة جداً صيفاً تنفرد بها هذه المنطقة من العالم.

تساباتاخ

كانت رحلتنا إلى أرمينيا صيفاً، ما بين شهري أغسطس وسبتمبر. وقد طرنا من مطار الشارقة إلى مطار يريفان في رحلة سلسة جداً لم تتعد الساعتين، وانطلقنا مباشرة نحو وجهتنا الأولى خارج العاصمة، مفضلين ختام رحلتنا فيها، وقاصدين بداية قرية تساباتاخ (Tsapatagh) الواقعة على ضفاف بحيرة سيفان (Sevan) لتكون مستهلاً لرحلتنا في أرمينيا.

وتعد تساباتاخ قرية صغيرة تغفو في أحضان سلسة جبال القوقاز الصغرى، ولا يزيد عدد قاطنيها عن بضعة مئات. وهي تعد وجهة جبلية نموذجية للاسترخاء بعيداً عن ضجيج وتلوث المدن، والاستمتاع بنسائم المرتفعات العليلة، وتوفر خياراً واسعاً ومتنوعاً من أنشطة الهواء الطلق، وفي مقدمتها المسير والتخييم والنزهات في الطبيعة وبين الغابات وعلى ضفاف الأنهار.

وقد ذهبنا خلال تواجدنا في تساباتاخ في رحلات مسير عبر الجبال والوديان أكثر من مرة، وهي كانت من أجمل رحلات المسير الجبلية التي قمت بها، حيث أن الطقس صيفاً في هذه المنطقة معتدل ومثالي لهذه الأنشطة. وتطل المنطقة كما ذكرت على بحيرة سيفان، ما يلطف الهواء بكمية كافية من الرطوبة لتقي البشرة من شمس الصيف، لكنها لا تزيد عن الحد على الإطلاق ولا تتسبب بأي تعرق خلال السير.

فضلاً عن ذلك، تتسم المنطقة بهدوء مطلق، لا يعكره سوى صوت زقزقة العصافير ونسائم الجبال على القمم. وتتلون المنطقة من كل صوب بخضرة المروج والغابات من جهة، وزرقة السماء والبحيرة من جهة أخرى. وتكتمل هذه اللوحة الطبيعية البهيجة ساعة الغروب، حيث تختفي الشمس خلف مياه بحيرة سيفان، ملونة الأفق بتدرجات رائعة من اللونين الأصفر والبرتقالي تتكامل بتناغم مذهل مع خضرة الجبال وزرقة الغابات.

ويحضرني تنويه من يرغب بالذهاب في نزهة أو السير في الجبال أو التخييم قرب تساباتاخ، والشاطئ الشرقي لبحيرة سيفان عموماً، لأخذ الحذر كون المنطقة واقعة على مقربة من الحدود مع أذربيجان، ولأن العلاقات ما بين البلدين ليست ودية، حيث ينصح باختيار الطريق قبل الانطلاق والطلب إلى موظفي الفندق تحديد المعالم على الخارطة، أو حمل جهاز لتحديد الموقع عبر الأقمار الصناعية (GPS) لتفادي دخول الأراضي الحدودية بين الدولتين.

وتعد بحيرة سيفان أكبر بحيرة في منطقة جبال القوقاز، وواحدة من أعلى بحيرات العالم ارتفاعاً عن سطح البحر. وهي بحيرة هائلة الحجم، أشبه ما تكون ببحر، وتوفر ملاذاً للأنشطة المائية والملاحة والصيد لأهالي أرمينيا.

وقد أقمنا خلال تواجدنا في تساباتاخ في أحد فنادق توفينكيان (Tufenkian)، وهي سلسلة فنادق بوتيك (Boutique) محلية جميع مرافقها مميزة، حيث تقوم الشركة باختيار أبنية تاريخية تتواجد في مواقع ذات إطلالات ساحرة وتعمل على تجديدها وتزويدها بأحدث التجهيزات، دون الإخلال بمعالمها وملامحها التاريخية. ويوجد عدة فنادق تابعة للمجموعة في مختلف أنحاء أرمينيا، وأنصح بأي منها فجميعها يقع في أماكن تستحق الزيارة.

يذكر أن الطريق من يريفان إلى تساباتاخ تستغرق حوالي الساعتين بالسيارة. ولا تتوفر مواصلات عامة إليها، حيث يتوجب على السائح استقلال سيارة أجرة. وتبلغ التعرفة حوالي 100 دولار أمريكي للرحلة.

تساخادور

من تساباتاخ، توجهنا غرباً نحو تساخادور (Tsaghkadzor)، وهي الوجهة الأبرز للتزلج في أرمينيا، حيث تضم منحدرات تزلج جيدة جداً يصل طولها الإجمالي إلى 30 كلم، وهي مزودة بكافة مرافق الرياضات الشتوية من تلفريك (Teleferic) ورافعات، ويوجد فيها فنادق ومنتجعات محلية ودولية عديدة.

وتعد تساخادور وجهة رائعة صيفاً أيضاً، حيث ترتفع أكثر من 1800 متر عن سطح البحر، وتقبع في منطقة جبلية هادئة جداً ذات طبيعة خلابة في جبال القوقاز الصغرى المهيبة، والتي تواصل تدرجها صعوداً نحو جبل آراغات (Aragats) البالغ ارتفاعه 4100 متر. وقد بقينا فيها 3 أيام، وكانت إقامتنا رائعة جداً، اتسمت عموماً بالهدوء وجمال الطبيعة والطقس.

وتفتح مرتفعات التزلج أبوابها صيفاً أيضاً، حيث تمثل وجهة رائعة للمسير الجبلي. ويمكن الوصول في تساخادور إلى ارتفاع 2800 متر، حيث يجب استقلال أكثر من تلفريك للصعود إلى القمة. وقد اخترنا استقلال الأول منها فقط، حيث أكملنا الرحلة نحو القمة سيراً. وهي رحلة تتطلب مستوى لياقة متوسط إلى عالي، سيما وأن المنطقة مصممة للرياضات الشتوية وقد لا يتوفر مسار مناسب للمشي في بعض أجزائها، فإما أن تكون منحدرو ووعرة، أو تملؤها النباتات والأشواك أحياناً. لكنها دون شك تجربة رائعة، حيث تتيح الاستمتاع بإطلالات خلابة تمتد لعشرات الكيلومترات نحو الأفق، وتطل على بحيرة سيفان حين يكون الطقس صافياً. ويجب حمل الماء خلال الرحلة، كما ينصح بحمل بعض الأطعمة، حيث يطيب للمرء التوقف والاستراحة في عدة مواقع على الدرب صعوداً.

وتوفر عدة فنادق ومنتجعات مواصلات نحو سفح الجبل. وقد أقمنا في فندق ماريوت، وهو يوفر رحلات بالحافلات الصغيرة من وإلى محطة التلفريك على السفح.

وإلى جانب التزلج والمسير الجبلي والرحلات في الطبيعة، تمثل تساخادور وجهة مناسبة للاسترخاء، فهي تتسم بهدوئها الشديد وهوائها العليل، ومطاعمها المميزة. ومع أنه هنالك الكثير من الأطباق المشتركة ما بين المطبخ الشامي والأرمني، يوجد الكثير لاكتشافه من مأكولات وأطباق تلك المنطقة، وبشكل خاص منطقة القوقاز. وقد تناولنا العشاء في مطعم جورجي في أحد الأماسي، وكانت وجباته مميزة جداً لم أتناول ما يشبهها قبلاً. والمطبخ الجورجي قائم بشكل رئيسي على الأجبان، وتتسم أطباقه بلذتها إلا أنها قد تكون ثقيلة على المعدة بالنسبة للبعض.

وتبعد تساخادور حوالي الساعة بالسيارة عن يريفان، ولا تتوفر مواصلات عامة إليها، حيث يتوجب على السائح استقلال سيارة أجرة. وتبلغ التعرفة حوالي 50 دولار أمريكي للرحلة.

ديليجان

ذهبنا خلال إقامتنا في تساخادور في رحلة إلى بلدة ديليجان (Dilijan) الواقعة شمالي بحيرة سيفان، في أحضان متنزه وطني بمنطقة جبال القوقاز يزخر بالغابات الكثيفة. وتشبه ديليجان بلدة كسب السورية إلى حد ما، والتي يعد معظم قاطنيها من أصول أرمنية، فهي بلدة صغيرة هادئة ما تزال تحافظ على طرازها المعماري القديم، وطبيعتها العذراء البعيدة عن التلوث الصناعي والعمراني.

وما يزال القسم القديم من البلدة على حالة كما كان قبل مئات السنين، حيث جرى تحويله إلى وسط تاريخي سياحي يوجد فيه عدد من الفنادق والمطاعم. ويلمس السائح التراث العمراني والتاريخي المميز للبلدة حتى بعيداً عن الوسط التاريخي.

وتوفر المنطقة وجهة مثالية لمحبي الاسترخاء في أحضان الجبال والاستمتاع بنسيم الغابات وأنشطة الهواء الطلق، مثل المسير الجبلي والتخييم. ويوجد في غابات ديليجان عدد كبير من المسارات المحددة والمعلمة، والتي تتراوح أطوالها ما بين بضعة كيلومترات وعشرات الكيلومترات، ويمر بعضها ببحيرات وأنهار، في حين يمتد غيره على طول الجبال. ويوجد على مدخل المتنزه الوطني في ديليجان مركز لمعلومات السياح، يوفر كتيبات وخرائط عن الطرق والمسارات. وأنصح من يرغب بالذهاب في رحلة مسير في غابات ديليجان بالتواصل مع المركز أولاً لتحديد الطريق الذي يفضل أن يسلكه، والاستعداد للرحلة (حسب طولها). كما يستحسن التأكد من أطوال المسارات ومستوى اللياقة المطلوب لها ومدى الإلمام بالتعايش مع الطبيعة في الغابات، حيث أن بعضها يمر في مناطق تقطنها دببة وحيوانات برية أخرى.

يريفان

العاصمة يريفان هي أكبر مدن أرمينيا وأكثرها كثافة سكانية. وتضم المدينة والمنطقة المحيطة بها الكثير من المعالم والمتاحف والمواقع السياحية والأثرية لزيارتها، إلى جانب المتنزهات والأسواق والمطاعم والمقاهي. وهي تتسم بطابع يشبه بعض الشيء مدن المشرق العربي، مثل حلب وبيروت، إلا أنها مطعمة بملامح روسية من الحقبة السوفيتية. ويخال للزائر في بعض مناطق يريفان أن الزمن قد توقف في الثمانينيات، وأن الاتحاد السوفيتي ما يزال قائماً، حيث تكثر معالم تلك الحقبة في المدينة، وأهمها سيارات لادا (Lada) التي انتشرت خلال ثمانينات القرن الماضي، وتستخدم كسيارات أجرة بكثرة في أرمينيا (وباقي جمهوريات الاتحاد السوفيتي عموماً). كما يلمح الزائر في مختلف أنحاء المدينة مباني ونصب تذكارية شيدت خلال تلك الحقبة. وهي تتكامل مع الملامح العصرية للمدينة بتناغم جميل جداً، حيث يحس السائح بعبق التاريخ وعراقة هذه المدينة في جميع أرجائها.

وقد جرى تحديث الوسط التجاري في مدينة يريفان وتشييد أبنية جديدة تضم مكاتب ومقار للشركات، مع المحافظة على الملامح التقليدية للبناء. ولا يبتعد المرء كثيراً عن هذه المنطقة الحديثة حتى يجد نفسه في شوارع وأزقة تنضح بعبق التاريخ وتزخر بالأبنية القديمة والمعالم الأثرية، وأيضاً بتناغم رائع.

ومن أبرز معالم مدينة يريفان ساحتها الرئيسية، التي تدعى ساحة الجمهورية (Republic Square)، والتي تحدها أربعة أبنية تاريخية منحنية التصميم تذكر الزائر بساحات مدينة روما الإيطالية، إلا أنها أكثر رحابة وترتيباً وعناية. وقد تم رصف أرضية الساحة بحجار ملونة، ترسم أشكالاً جميلة بمجموعها.

وأجمل ما في هذه الساحة، نافورة موسيقية تقع في ساحة متحف الفنون الجميلة، تتمايل مياهها وأنوارها على أنغام أشهر المقطوعات الكلاسيكية مساء كل يوم، حيث تعد قبلة لأهالي المدينة وسياحها صيفاً، والذين يقصدونها للاستمتاع بالطقس الجميل وبالموسيقى ومنظر النوافير الراقصة. وهي دون شك من أجمل النوافير التي رأيتها، وقد عكفت على زيارتها في كل أمسية خلال تواجدي في يريفان.

ولا داعي للتنويه أن أحد أبرز الأنشطة التي يجب على السائح القيام بها في يريفان هو الاستمتاع بالمأكولات والأطباق الأرمنية الشهية، والتي كما ذكرت يشبه بعضها الأطباق الشامية، في حين تم اقتباس غيرها من المطبخ القوقازي والروسي وسواه من مطابخ تلك المنطقة.

وبالحديث عن الطعام، أكثر ما أثار إعجابي خلال تواجدي في أرمينيا وفرة الخضار والفواكه الموسمية الطازجة بشكل ملفت للنظر، حيث كانت مكونات السلطات خصوصاً وكأنها قطفت لتوها من الحديقة.

كما تضم المدينة عدد من المتاحف الأخرى، من أجملها متحف كافيسان للفن الحديث (Cafesjian Museum of Art)، وهو متحف يتوزع على عدة طوابق تتدرج على سفح تلة مطلة على المدينة، حيث تم وضع قسم من المعروضات في كل طابق منه. وعلاوة على تميز ما يحتويه هذا المتحف من معروضات فنية معاصرة، فهو يوفر إطلالة رائعة على المدينة من أعلى طوابقه.

ويمكن الوصول سيراً من ساحة الجمهورية إلى متحف كافيسان للفن الحديث، وهي نزهة قصيرة مميزة تمر على العديد من الأسواق والمتنزهات ومعالم المدينة الرائعة، وفي مقدمتها دار الأوبرا وساحتها الكبيرة، والتي تستقطب الآلاف من سياح وسكان المدينة خلال فترة العصر صيفاً للاسترخاء والاستمتاع بالطقس الجميل. كما تضم المنطقة الكثير من المطاعم والمقاهي التي تقدم أطباق ومأكولات شهية وطازجة.

يبدأ الناس بالتوافد إلى ساحة دار الأوبرا مع غروب الشمس

وتضم يريفان أيضاً ضريحاً كبيراً لشهداء مذابح الأرمن، يقع على تلة مشرفة على المدينة. وهو يضم متحفاً ومعرض صور، إلى جانب وثائق ومراسلات ومقتنيات أخرى من تلك الحقبة. وفضلاً عن أهميته الكبيرة كمعلم تاريخي وثقافي وسياحي، توفر منطقة الضريح أيضاً إطلالات رائعة على العاصمة. ويمكن لمن يحب المشي الوصول سيراً إلى الضريح، لكن قد تكون الرحلة شاقة على البعض بسبب انحدار الطريق، حيث يفضل ركوب تكسي أو باص.

ويوجد في المنطقة المحيطة بالضريح مراكز تسوق وأسواق عديدة. كما يوجد على مقربة منها منطقة مطاعم مطلة على النهر، تقدم ما لذ وطاب من أطباق تراثية ومعاصرة وغربية، ويقدم بعضها عروضاً موسيقية وراقصة للفولكلور الأرمني.

ولا ينبغي إغفال ذكر أسواق المدينة، حيث تضم يريفان أسواق شعبية لكل ما يخطر على بال، وفي مقدمتها المأكولات والخضار والفواكه والكتب والسجاد واللوحات والمنحوتات والتحف والأنتيكات، بما فيها بعض التحف والمقتنيات من الحقبة السوفيتية.

معبد غارني

يعد معبد غارني (Temple of Garni) من أهم المعالم السياحية والأثرية في أرمينيا، وعلى مستوى العالم، والتي لا ينبغي إغفالها أثناء زيارة هذه الدولة. وهو معبد قديم يعود تاريخه إلى القرن الأول ميلادي، ويعد بناءً نموذجياً من الحقبة الهلنستية. وفضلاً عن تميزه كصرح تاريخي، فهو يحتل قمة عالية في منطقة جبلية خلابة ويشرف على الوديان والتلال المحيطة، ما يمنحه مظهراً مهيباً. ويبعد معبد غارني حوالي 30 كلم عن يريفان وينظم العديد من الشركات السياحة رحلات للأفراد والمجموعات إليه.

دير غيهارد

دير غيهارد (Geghard monastery) من أهم معالم أرمينيا السياحية والتاريخية، فهو دير قديم جداً يعود تاريخ تشييده للقرن الرابع ميلادي، وقد تم حفرت ونحتت مرافقه في صخور الجبال المحيطة به. وهو مصنف على لائحة اليونسكو للتراث الإنساني، ويعد دون شك أحد أهم المعالم الواجبة زيارتها خلال زيارة المرء لأرمينيا. ويلمس الزائر على الفور حجم الجهد والوقت الذي تطلب لإنجاز صرح بهذا الحجم في هذه المنطقة الجبلية الوعرة. وهو يقع على مسافة قريبة من معبد غارني، ويستحسن تخصيص الوقت لزيارة المعلمين خلال نفس الرحلة لاختصار الوقت والجهد والتكلفة.

جبل آرارات

يبعد جبل آرارات (Ararat) حوالي 60 كلم عن مدينة يريفان، إلا أنه واقع حالياً ضمن الأراضي التركية. وهو يحمل أهمية تاريخية وتراثية في الثقافة الأرمنية، ويمثل رمزاً من رموز أرمينيا والأرمن حول العالم. فضلاً عن ذلك، فهو أعجوبة طبيعية بحد ذاته، إذ أنه جبل شاهق يربو ارتفاعه على 5100 متر، ويتميز بشكله المخروطي بركاني المنشأ، حيث يشمخ بارتفاعه المهيب وسط سهول منبسطة شاسعة تحيط به من كل صوب، لا يحجبه فيها عن النظر أي عائق لعشرات الكيلومترات، حتى أنه يبدو جلياً في أفق مدينة يريفان خلال الأيام الصحوة. ويوجد جبل ثاني بقربه يدعى آرارات الصغير (Little Ararat) ويبلغ ارتفاعه 3925 متر.

ويمكن لمن يرغب برؤية هذا الجبل المهيب في أرمينيا، التوجه إلى دير خور فيراب (Khor Virap) الواقع على الحدود تماماً في مقابل الجبل، حيث يوفر إطلالة استثنائية بكل معنى الكلمة على الجبل والمنطقة المحيطة. وإلى جانب الإطلالة الاستثنائية، يعد الدير بحد ذاته معلماً سياحياً وتاريخياً هاماً يرجع إلى القرن السادس ميلادي.

معامل الكونياك

تشتهر أرمينيا بمشروب الكونياك (Cognac)، حيث تصنّع وتصدّر بعضاً من أجود أصنافه على مستوى العالم، والتي تتفوق على قريناتها الفرنسية. ويوجد في يريفان عدة مصانع للكونياك، أنصح من يرغب بزيارة أحدها التوجه إلى مصنع نوي (Noy)، الواقع ضمن المدينة على مسافة غير بعيدة من ساحة الجمهورية، فهو معلم تاريخي بحد ذاته يرجع تشييده إلى القرن التاسع عشر، ويلعب دوراً هاماً في تاريخ وحاضر أرمينيا.

ومن القصص المثيرة للاهتمام عن هذا المصنع، أن جودة كونياك نوي الأرمني جعلته المشروب المفضل لرئيس وزراء بريطانيا السابق وينستون تشرتشل، بعد أن قدمه له جوزيف ستالين خلال أحد الاجتماعات. وعملاً بتوجيهات ستالين، دأب المصنع على إرسال صندوق من الكونياك إلى مكتب تشرتشل شهرياً. وبعد مرور فترة من الزمن، اشتكى تشرتشل لستالين من تردي جودة المشروب، فطلب ستالين التحقيق في الموضوع على الفور، ليكتشف أن كبير خبراء المصنع أغضب السلطات السوفيتية، فتم إرساله إلى أحد معتقلات سيبيريا. وقد أمر ستالين بالعفو عنه، فعاد إلى المصنع وعادت جودة المنتج إلى سابق عهدها.